أ.
تعريف
اكتساب اللغة الثانية هي العملية التي يتعلم فيها الناس لغة ثانية.
اللغة الثانية تشير إلى أي لغة يتعلمها الفرد بعد لغته الأم، سواء كانت ثانية أو ثالثة أو رابعة.
ب. العوامل عديدة فى اكتساب اللغة الثانية
هناك
عوامل عديدة تؤثر فى سرعة اكتساب الفرد للغة الثانية:[1]
1.
البيئة
اللغوية الطبيعية. هي استخدام اللغة بغرض التفاهم و نقل المعلومات, اي مع التركيز
على محتوى. مثلا: عندما نتحادث مستخدمين ل1 او ل2 في الشارع او الملعب, عندما
يستخدم المعلم ل2 في غرفة الصف في تدريب لغوي. هذه البيئة اللغوية ندعوها بيئة
شكلية او اصتناعية. البيئة الطبعية تعطي النتائج أفضل من البيعة الاصتناعية. و هذا
يعني ان تعلم ل2 في موطنها الأصلي أفضل من تعلمها كلغة الاجنبية في غرفة الصف ما
في مدرسة ما خارج موطنها الأصلى. و هكذا ان تسمع ل2 فى بيئتها الطبعية (اي في واقع
الحياة) افضل من ان تسمعها في بيعة اصتناعية (اي في غرفة الصف).
2.
دور
المتعلم. من الممكن ان يتخذ المتعلم ثلاثة أنواع من الادوار خلال تعلم ل2:
أ) الاتصال باتجاه واحد: و هو أن يسمع
المتعلم او يقرأ ل2 دون كلام او كتابة بها, اي يكتفي بفهم ما يسمع او ما يقرأ دون
ابداء رد فعل.
ب) الاتصال المحدود باتجاهين: و هو أن
يستجيب المتعلم شفويا باستخدام ل1 و ليس باستخدام ل2. و لقد جرب ترل tarrel (24:4) اسلوبا
يتماشى مع هذا النوع من الاتصال و دعاه النهج الطبيعي The Natural Approach.
ج) الاتصال الكامل باتجاهين: و هو ان
يستخدم المتعلم ل2 في إرسال اللغة و استقبالها منذ بداية برنامج تعلم ل2. و قد
تبين هذا ليس هو أفضل الاساليب مقارنة بالاتصال باتجاه واحد و الاتصال المحدود
بالتجاهين.
3.
استخدام
المحسوسات. عندما يتعلم الطفل لغته الأولى, لايتعلم في بيئة مجردة خيالية, بل إن
كل كلمة او جملة تقال له ترتبط بشيء محسوس او موقوف فعلى. فهناك اجزاء جسمه,
الطعام الذي يأكله, و الشراب الذي يشربه, و ملابس و اثاث الغرفة من حوله. و هناك
حالاته النفسية الجسمية من جوع و عطش و بكاء و فرح.
4.
النموذج
اللغوي. لابد في تعلم اللغة من نموذج لغوي, اي شخص يقلده المتعلم. كلما كان
النموذج متقنا ل2 كان ذلك افضل للمتعلم. و لقد دلت التجارب على مجموعة من الحقائق
نلخصها فيما يلي:
أ) يفضل الاطفال تقليد أقرانهم على تقليد
معلميهم أثناء تعلم ل2.
ب) يفضل الطفل محاكاة أقرانه في طريقة
تكلمهم للغة 2 على محاكاة والديه.
ج) يفضل الطفل محاكاة أقران من قومه على
محاكاة أقران من خارج قومه.
5.
التغذية
الراجعة (feedback) هي التعزيز الذي يتلقاه المتعلم بعد ان يعطي الاستجابة response. و في حالة تعلم اللغة تأتي التغذية الراجعة
بعد ان يتكلم المتعلم او يكتب شيأ باستخدام ل2. يحتاج المتعلم الى تغذية راجعة, اي
تعزيز, ليعرف ان كان اداؤه اللغوي صحيحا ام خاطئا. قد تكون التغذية الراجعة اربع:
أ) التغذية فورية: تعزيز يأتي بعد صدور
الاستجابة فورا. مثل: تصحيح المعلم لاخطاء الطالب أثناء تكلمه ل2 فور وقوع الخطاء.
ب) التغذية مؤجلة: يأتي تعزيز بعد مرور
وقت يتراوح بين ساعة و بضعة اسابيع. مثل: تصحيح المعلم لموضوع انشاء كتبه الطالب
بحيث يتم التصحيح بعد اسبوع من الكتابة.
ج) التغذية ايجابية: اشعار المستجيب ان
اجابته صحيحة بأية طريقة من الطرق المعروفة: كلمة الصواب, اشارة الصواب (P), ابتسامه المعلم, هزة الراس بالموافقة, ثناء, مكافأة, تصفيق.
د) التغذية سلبية: اشعار المستجيب ان
كلامه او كتابته تحتوي على خطأ ما. و يكون هذه الاشعار بعدة طريقة منها: كلمة خطأ,
اشارة خطأ في حالة التصحيح الكتابة, تقتيبة الوجه, هزة الرأس بعدم الموافقة,
انفعالات الوحه اللتي تحمل معني الغضب او عدم الرضى.
6.
التكرار.
كلما سمع المتعلم جملة او كلمة مرات أكثر, كان تعلمه لها أسرع و ادوم. و با الطبع
هذه مقولة معقولة تتفق مع احد المبادئ الرئيسية للنظرية السلوكية behaviorisit theory.
7.
كمية
التعرض. لتعلم ل2 من التعرض لها. لا بد من سماعها و قراءتها. و هذا هو المدخل
اللغوي. من غير مدخل لايوجد مخرج. و كلما زادت ساعات التعرض اللغة زادت سرعة
اكتسابها.
8.
الاستعداد.
لكل مهارة سن مثالي لاكتسابها. فلابد من ان يتم تعليم ل2 فى العمر المناسب. و هكذا
لا يكون الطفل مستعدا لتعلمها لا في ل1 و لا في ل2 الا اذا كان بلغ سنا معينا.
9.
الدافعية.
لا تعلم دون انتباه و لا انتباه دون دافع. قد يكون الدافع لتعلم ل2 هو النجاح
المدرسي. و تقسم الدافعية ثلاثة انواع:
أ) الدافعية النفعية: شخص يريد ان يتعلم
ل2 للحصول على وظيفة او للنجاح في امتحان او للحصول على قبول في جامعة او نجاة في
مقرر دراسي. هذا يعني ان رغبة هذا الشخص في تعلم اللغة منبثقة.
ب) الدافعية التكاملية: شخص يريد ان يتعلم
ل2 من اجل الاشتراك الفعال في حيات
المجتمع في الذي يتكلم ل2.
ج) الدافعية الانتمائية: شخص يريد ان
يتعلم ل2من اجل الاحساس بالانتماء الى المجتمع الذي يتكلم ل2. انه يريد الاندماج
الكامل في هذا المجتمع. و هذه تشمل الدافعية التكاملية. الدافعية التكاملية لا
تعني الدافعية الانتمائية اذ هناك من يريد الاشتراك في حياة المجتمع مادون رغبة في
الانتماء اليه, اي مع الاحتفاظ بالانتماء الى مجتمع آخر.
و
الدافع ليس شرطا لتعلم ل2 فقط بل هو كذلك بالنسبة لأي تعلم, لأن التعلم سلوك, و
السلوك يحتاج الى دافع يغذيه بالحركة ولإستمرار. و الدافع هو الحاجة او الاحساس
بالحاجة على نحو أدق.
10.
الاسترخاء.
اذا تم التعلم في جو نفسي و اجتماعي مريح, كان ذلك أدعى الى سرعة الاكتساب. و قد
جرب لوزانوف luzanov في تعلم ل2 عن طريق ادخال
موسقى هائة مع الاجلاس على مقاعد مريحة مع التحكم فى صوت المتعلم, الدرس يتكون من
قراءة الحوار ثم استماع الى موسيق هادئة, ثم قراءة ثانية, ثم تمرينات بدنية
استرخائية, ثم قراءة ثالثة. ولقد كان مردود هذا الاسلوب 2000-3000 كلمة جديدة مع
استعمالها في قواعد سليمة.
11.
القلق.
تشير البحوث في هذا الصدد الى وجود ارتباط سالب بين تحصيل ل2 و القلق. كلما زاد
القلق, قل تحصيل؛ و كلم قل القلق, زاد التحصيل. و هذا يتماشى مع الاستخراء الذي
يرتبط ارتباطا موجوبا مع التحصيل. قليل من القلق مفيد في حفز المتعلم لتعلم ل2 او
سواها. ولكن الافراط فى القلق يعيق التعلم.
12.
الثقة
با النفس. الثقة بالنفس تجعل التعلم ميالا الى انطلاق اللغوي, جريئا فى المحاولة,
عير خائف ولا وجل. مزيد من الثقة باالنفس يؤدي الى اكتساب اسرع اللغة 2.
13.
التعاطف.
اذا كان الفرد المتعاطفا مع الاخرين بطبعه يكون ميالا الى الاتصال اللغوي, سماعا و
تعبيرا. و هكذا فالتعاطف عامل ايجابي في سرعة اكتساب ل2.
14.
العقلية.
ان الفرد ذا العقلية التحليلية يتعلم ل2 تعليما واعيا اسرع من الفرد ذي العقلية
غير تحليلية.
15.
العمر.
هذه المسائل الهامة. ان الطفل اقدر من بالغ على تعلم ل2 على اساس عة افتراضات:
أ) عقل الطفل اكثر استعداد من ناحية
بيولوجية, فهو أطوع و أكثر مرونة.
ب) شخصية الطفل اميل الى التقليد من شخصية
البالغ بشكل عام.
ج) الطفل اجرأ من البالغ في تجريب ل2 و
عدم الحرج من الاخطاء اللغوية.
د) سن الطفل يساعد المعلم على استخدام
اساليب تعليمية اكثر تنويعا و تشويقا.
هناك
عدة النظريات حاولت تفسير سبب تفوق الاطفال على بالغين بوجه عام في تعلم ل2:
أ) العوامل الاحيائية (اي بيولوجية): لقد
افترض لنبيرغ lenneberg ان جانبية الدماغ تبدأ في الطفولة
و تنتهي عند البلوغ.
ب) العوامل المعرفية:من المعرفة ان البالغ
اقدر على التفكير و التحليل و التجريد و الاستقراء و المقارنة من الطفل نطرا
لخبرته الأطفال في هذه العمليات الفكرية و نظرا لنضوجه العقلي و المعرفي.
ج) العوامل الانفعالية: البالغ أكثر شعورا
ذاتيا من الطفل و أقل استعدادا للمحاكاة و التقمص و اكثر رفضا لما يستقبل من العالم
الخارج.
د) العوامل التعليمية: عند تعليم الاطفال
ل2 جرت العادة ان تقدم لهم ل2 في جو مرح مع الكثير من التشويق و الوسائل المعينة و
الالعاب و الموسيقى و الغناء.
16.
الشخصية.
الفرد ذو الشخصية الانفتاحية (اي الانبساتية) قد يكون أسرع فى اكتساب اللغة من
الفرد ذي الشخصية الانتوائية و الاستيعاب و الذكرة.
17.
تأثير
اللغة الاولى. قد تساعد ل1 فى تعلم ل2 حيث توجد وجوه الشبه بينهما. و هذا هو تسهيل
الناجم من انتقال أثر التعلم السابق. و كلما زاد التشابه بين ل1 و ل2 كان اكتساب
ل2 أسرع و اسهل.
18.
الموقف.
قد يحب المتعلم ل2 لأنه يحب أهلها, و قد يكره ل2 لأنه يكره أهلها. موقف المتعلم من
أهل ل2 يؤثر في سرعة اكتسابه لهذه اللغة سلبيا او إيجابيا.
ج. الفرق بين اكتساب ل1 و اكتساب ل2:
هناك
فروق عديدة بين حال الطفل مع ل1 و حاله مع ل2 منها:[2]
|
اكتساب ل1
|
اكتساب ل2
|
1. الدافع
|
عند تعلم ل1 تكون
دافعية الطفل في أوجها, فهو في حاجة ماسة للغة يتفاهم بها مع و الدته و مع من
حوله يعبر بما عن حاجته الاساسية من طعام و شراب و سهما
|
و لكن عن تعلم ل2
فيما بعد, لا تتوفر مثل هذه الدرجة العالية من الدافعية
|
2. البيئة اللغوية
|
مع تعلم ل1 البيئة
اللغوية مثالية اذ هي طبيعية واقعية.
|
ولكن مع ل2 لا تكون
كذلك, بل هي على الارجح بيعة اصتناعية.
|
3. المران
|
يتمرن الطفل على
للغة ساعات طويلة يوميا.
|
قد لا يتح له سوى
بضع دقائق في اليوم إذاسمح له معلمه بذلك.
|
4.
كمية التعرض
|
يتعرض الطفل للغة
ساعات طويلة يوميا
|
لا تتعدى مدة
التعرض بضع ساعات في الاسبوع.
|
5. التعزيز
|
يتاح الطفل ان
يتعزز أداؤه كثيرا و فوريا لأن للطفل الواحد معلم واحد هو والدته.
|
يفل التعزيز لأن
المعلم ينشغل بعشرات الاطفال في وقت الواحد.
|
6. الاسترخاء
|
يكون الطفل في افضل
حالات الراحة النفسية, إذ هو مع امه ينعم بحنانها و عطفها.
|
لا تتوفر الدرجة
ذاتها من الاسترخاء, فهناك ضغط المعلم و ضغط الاقران و ضغط المنافسة.
|
7. العمر
|
يتعلم الطفل ل1 و
هو في سنواته الأولى, حيث يكون العمر مواتيا تماما لتعلم اللغة
|
ل2 يتعلمها المرء
عادة في سنوات متأخرة حيث تضعف قابلية تعلم اللغة مقارنة بالسنوات الأولى.
|
8. التدخل
|
عند تعلم ل1 تنفرد
ل1 بالمتعلم و ينفرد بها, فلا توجد لغة اخرى تنافسها.
|
عند تعلم ل2 تكون
ل1 قد تمكنت من عقل المتعلم مما يجعلها تتدخل في ل2
|
9. المشاعر
|
عند تعلم ل1 لا
توجد لدي الطفل مشاعر معادية نحو ل1 في العادة, فهي لغة والده و أهله و أحبائه.
|
عند تعلم ل2 هناك
احتمالات بأن يترافق ذلك مع مشاعر معادية لأهل ل2, مما يعيق تعلم ل2
|
و
هكذا نر ان ل1 أفضل وضعا من ل2 فيما يتعلق بتسهيل الاكتساب و سرعته و مدى إتقانه,
لأن دافعية الطفل مع ل1 أقوى, و بيئته اللغوية مع ل1 أكثر طبيعية و واقعية, و فرص
المران مع ل1 أوفر, و كمية التعرض للغة الاولى أكثر, و التعزز مع ل1 أسرع و أشيع,
و الاسترخاء مع ل1 أفضل.
د.
المعالجة الداخلية:
بين نظرية تر ان تعلم ل2 يتم عبر عمليات ثلاث
هي:
1. عملية
الترشيح: و هي عملية يختار المتعلم فيها من البيئة اللغوية التي يعيش و سطها ما
يناسبه هو شخصيا و ما يتلاءم مع حاجاته و دوافعه و مواقفه. ان المتعلم هنا لايمرر
الى الدماغ كل ما يسمع, بل يمرر بعضا و يطرد بعضا. ندعو هذه العملية, عملية
الانتقاء او عملية ترشيح.
2. عملية
التنظيم: يقوم هذا عملية بحيث يتوصل بطريقة لاشعورية الى نظام من الاحكام اللغوية
تمكن المتعلم من انتاج جمل جديدة لم يسمع بها من قبل. كما أن عمليات إعادة التنظيم
يظهر أثرها عند تتبع أخطاء المتعلم في الكلام و الكتابة. مثلا: اخطاء الحذف( ذهب
الولد مدرسته), أخطاء القياس(جمع مدرسة على مدرسات), أخطاء الترتيب( لم يكتب الدرس
الولد), و أخطاء الزيادة(ذهبوا الاولاد) أخطاء التبال(لو تدرس تنجح).
3. عملية
المراقبة monitoring process : هي عملية اكتساب القوانين اللغوية بطريقة مباشرة واعية او عملية
توظيف هذه القوانين و تطبيقها أثناء الكلام او الكتابة او بعدهما.
ه.
مراحل اكتساب اللغة الثانية:[3]
المرحلة الاولى: المرحلة الصامتة
و هي المرحلة التي لا يصدر فيها المتعلم كلاما لغويا حقيقيا
الا ما يردده من مفردات او عبارات او تراكيب اثر سماعه اياها
المرحلة الثانية: مرحلة الانتاج المبكر:
و تبدأ هذه المرحلة حيث تنتهي المرحلة الصامتة, و تتطلب ستة
اشهر اخرى. و فيها يكتسب متعلم اللغة الانجليزية مثلا الف كلمة يستعملها في الفهم
و الانتاج.
المرحلة الثالثة: مرحلة ظهور الكلام
تبدأ هذه المرحلة حيث تنتهى المرحلة السابقة, و تستغرق سنة
كاملة, يكسب فيها المتعلم ثلاثة آلاف كلمة يستعملها فى فهم الكلام. و في هذه
المرحلة يبدأ المتعلم فهم ما يسمعه باللغة الهدف في محيطه الاجتماعي.
المرحلة الرابعة: اللاقة المتوسطة
تبدأ هذه المرحلة حيث تنتهى المرحلة السابقة, و تستغرق سنة
كاملة, يكسب فيها المتعلم سته آلاف كلمة يستعملها فى فهم و الكلام و الكتابة
المرحلة الخامسة: النمو المتصل (المستمر)
و هي المرحلة لتي يعتمد فيها المتعلم على نفسه اعتمادا كليا
في الجوانب اللغوية غير الاكاديمية, و تبدأ حيث تنتهى مرحلة الطلاقة المتوسطة.
المرجع
العزيز عبد ابراهيم العصيلي, علم اللغة
النفسي, جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية عمادة البحث العلمي
إدريس نصرالدين جوهر, سيكولوجية اكتساب اللغة الأم والثانية
والفرق بينهما, بسورابايا
علي,
محمد الخولي. الحياة مع لغتين. الاردان:دار الفلاح.2002
________,
مدخل الى علم اللغة. الاردان:دار الفلاح, 1993